التوقيت الصيفي ما له وما عليه.. هل مفيد في ترشيد الطاقة؟ تاريخ وأسباب ومواعيد تقديم الساعة

كتب مصطفى شعبان
60 دقيقة فقط تضع العالم في حيرة كل عام، في حوالي 70 دولة حول العالم مازالت تعمل بالتوقيت الصيفي دائما ما يكون المبرر البحث عن الترشيد أو الاستفادة من الوقت، ولم يقدم أي من هذه البلاد مبرر علمي ولا دراسة واحدة تقول إن تقديم أو تأخير الساعة يحدث فرقا في الاستهلاك أو عادات المواطنين.
قررت اليوم الحكومة المصرية العودة بنظام التوقيت الصيفي، بعد قرار 2016 بإلغاء العمل به، وكان مبررها في هذا التوقيت توفير الطاقة، والعودة أيضا مبررها اليوم توفير الطاقة.
العلة في القرار لأي دولة تبكير أوقات الشغل والفعاليات العامة الأخرى، لكي تنال وقتاً أكثر أثناء ساعات النهار التي تزداد تدريجياً من بداية الربيع حتى ذروة الصيف، وتتقلَّص من هذا الموعد حتى ذروة الشتاء.
هذا الجدل السنوي تقريبا لا يتم في مصر وحدها بل في العالم أجمع وخاصة الدول التي تطبق العمل بهذا النظام أو لديها تاريخ بين الإلغاء والعودة كمصر.
ففي كل عام تقريبا يجري النقاش حول جدوى التوقيت الصيفي، وما إذا كان من الأفضل إلغاؤه، فمن يفضلون العمل بالتوقيت الصيفي يقولون إن المساء يكون فيه أطول وبهذا يمكن قضاء شغل وقت الفراغ بشكل أفضل.
أما معارضو التوقيت الصيفي فيقولون إن تكيف الجسم مع الوقت الجديد يستغرق عدة أيام في كل مرة ويمكن أن يؤثر على التوازن الهرموني للإنسان والحيوان، ولذلك يطالبون بإلغائه.
ما هو تاريخ التوقيت الصيفي في مصر؟
طبق البريطانيون لأول مرة التوقيت الصيفي في مصر 1940، خلال الحرب العالمية الثانية، وتم إيقاف العمل به بعد 1945، ولكنه استؤنف بعد 12 عامًا، في عام 1957.
قبل ثورة يناير 2011، كانت الحكومة تخطط لاتخاذ قرار بإلغاء التوقيت الصيفي، وقد قامت الحكومة بذلك فعلًا في 20 أبريل 2011.
بحجة أن التوقيت الصيفي سيوفر الطاقة، قررت الحكومة المصرية في 7 مايو 2014 إعادة التوقيت الصيفي باستثناء شهر رمضان.
في أبريل من العام التالي 2015، تم إجراء استفتاء حول ما إذا كان يجب العودة إلى التوقيت الصيفي أم لا.
قررت الحكومة في 20 أبريل إلغاء التوقيت الصيفي مؤقتًا، وأجرت التعديلات اللازمة على القوانين وطلبت من الوزراء العمل على دراسة لتحديد مدى جدوى تطبيق التوقيت الصيفي في السنوات القادمة من عدمها، وأكدت وزارة الكهرباء أن وفورات الكهرباء التي تحققت من تطبيق التوقيت الصيفي ليس لها أي تأثير ملموس، كان من المتوقع عودة التوقيت الصيفي في عام 2016، بدءًا من 8 يوليو (بعد رمضان)، ولكن في 5 يوليو، تقرر إلغاءه مرة أخرى.
هل العمل بالتوقيت الصيفي مفيد؟
ويؤكد هذا أن الإجراءات التنظيمية اللاحقة التي تتخذها الدولة تكشف عن عدم الجدوى، ففي حين أن القرار أساسه الترشيد ، سواء الطاقة – الكهرباء- أو الاستهلاك بوجه عام أو تعديل سلوكيات المواطنين ، إلا أن قرارات مقابلة تجهض هذ ، مثل مواعيد فتح وغلق المحال التجارية التي يتم تقديمها ساعة وساعتين أحيانا فبدلا من الغلق 10 م يتم تقديمها إلى 11 م وهذا يعني أنه لا جدوى أو أن الساعة الفارق في التوقيت الصيفي تم مدها في مواعيد الفتح والغلق، وكذلك مواعيد بدء وانتهاء يوم العمل الرسمي في الوزارات والجهات الرسمية والحكومية ، وكذلك المدارس والجامعات.
وفي الوقت الذي تستفيد فيه حركة التجارة والمحال التجارية وبعض الأنشطة الصناعية من هذا القرار، على النقيض فمن المُمكِن أن يؤثر التوقيت الصيفي سلباً على الفلاحين وآخرين ممَّن يعتمدون في عملهم على الشمس، وذلك ما جعلهم أعداءً له في الغالب.
فكل ما هو لاحق لقرار العمل أو الإلغاء بالتوقيت الصيفي هو بالأساس الذي يحدد مدى الاستفادة أو مدى تحقيق الترشيد على أرض الواقع، خاصة إذا كان التوقيت الطبيعي والمعتمد للكرة الأرضية هو التوقيت الشتوي، أما التوقيت الصيفي فهو مستحدث من قبل الإنسان.
وترجع الفكرة الأساسية وراء تغيير التوقيت إلى إيجاد تطابق ما بين ساعات سطوع الشمس والنشاط من أجل تحقيق أقصى استفادة من ضوء الشمس الطبيعي، والحد من استهلاك الكهرباء والإضاءة الصناعية، بالرغم من الانتقادات التي تواجه متبعي هذا الإجراء بسبب تأثيراته البيولوجية على جسم الإنسان.
ما هي الشكوك والمبررات حول التوقيت الصيفي؟
ويتحدث منتقدوه عن آثار سلبية له على النوم والصحة وحتى على حوادث السير فضلاً عن الصناعة والاقتصاد فعلياً، وهو ما فتح الباب حول أهمية تقديم أو تأخير التوقيت 60 دقيقة في توقيت محدد من العام على استخدامات الطاقة، قدرة التوقيت الصيفي على حفظ الطاقة تأتي أساساً من تأثيره على إضاءة المنشآت، وعلى الرغم من أن توفير الطاقة لا زال هدفاً مهماً للتوقيت الصيفي، إلا أنَّ أنماط استهلاك الطاقة تغيَّرت إلى حد كبير، والبحوث التي أجريت مؤخراً ما زالت قاصرةً وتُقدِّم نتائج متضاربة. يتأثر استهلاك الكهرباء بالجغرافيا، والمناح، والاقتصاد بشكل كبير، بما يجعله من الصعوبة بمكانٍ وضع قواعده ضمن إطار عالمي واحد.
ما هو تاريخ تطبيق التوقيت الصيفي؟
ويقال إن فكرة التوقيت الصيفي فكرة أمريكية، عام 1784 حيث كان لدى السياسي والمخترع الأمريكي بنيامين فرانكلين فكرة أنه يمكن للمرء توفير الطاقة إذا استيقظ مبكرا في الصيف.
وتم تطبيق فكرة التوقيت الصيفي لأول مرة خلال الحرب العالمية الثانية، حيث اضطرت البلدان المتحاربة لابتكار وسائل جديدة من أجل الحفاظ على مصادر الطاقة، وأول من نفذها القيصر الألماني فيلهلم الثاني في 30 أبريل 1916، قدم الساعات لأول مرة من أجل توفير الطاقة خلال الحرب العالمية الأولى، وفي نفس العام حذت بريطانيا العظمى وفرنسا، عدوتا ألمانيا في الحرب، حذو القيصر الألماني وقدمتا الساعات أيضا ثم روسيا وأمريكا، بغرض تفادي أزمة محتملة للطاقة خلال الحرب وتوفير أكبر كمية من الفحم آنذاك، ليشهد العالم منذ ذلك الوقت العديد من القوانين لتحسين الاستفادة من الوقت والتوقيت.
وفي ألمانيا تحديدا شهد القرار عدة تنقلات، حيث تم إلغاؤه في 1919، لكن النازيين في ألمانيا أعادوا العمل به مرة أخرى في 1940، وفي 1947 كان التوقيت الصيفي المزدوج، بمعني تقديم عقارب الساعة لساعتين اثنتين وليس لساعة واحدة، ليتم إلغاء التوقيت الصيفي عام 1949، وبقي الوضع هكذا لعقود، بدون توقيت صيفي، حتى أعيد في 1980 العمل بالتوقيت الصيفي في شطري ألمانيا الشرقية والغربية.
ومنذ 1996 يجري العمل بالتوقيت الصيفي كل دول الاتحاد الأوروبي، لكن المفوضية الأوروبية اقترحت في سبتمبر 2019 إنهاء العمل بتغييرات التوقيت المثيرة للجدل، إلّا أن الدول الأعضاء قررت منح نفسها وقتاً للتفكير، وصوت عليه أعضاء البرلمان الأوروبي وبدأ التطبيق في 2021 .
وهناك بعض الدولة وضعته ضمن قوانينها فأصبح إلزامي ومستقر دون اضطراب مثل أيسلندا وروسيا وروسيا البيضاء وفي المملكة المتحدة حتى عام 1971، والولايات المتحدة (ما عدا ولاية أريزونا).
الدول العربية والتوقيت الصيفي
تتبنى غالبية الدول العربية العمل بالتوقيت الشتوي العادي الثابت، ما عدا كل من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، وتونس، بالإضافة إلى مصر التي تم خلال 21 سنة إلغاء وعودة هذا التوقيت أكثر من 7 مرات.
متى يبدأ التوقيت الصيفي وهل له مواعيد موحدة في الدول؟
يختلف موعد بدء التوقيت الصيفي من دولة لأخرى ومن سنة لأخرى، بل ويكون هناك اختلافا داخل الدولة ذاتها مثلما الحال في البرازيل التي يختلف موعد تطبيق العمل بالتوقيت الصيفي من ولاية لأخرى.
وأغلب الدول يكون بدء العمل بالتوقيت الصيفي في الأسبوع الثاني أو الثالث من مارس مثل سوريا ولبنان وفلسطين، والولايات المتحدة وكندا، إلا أن هناك عدة دول يكون في إبريل كمصر وأستراليات ونيوزيلندا، أما الأردن فيكون بقرار من رئيس الحكومة، والمغرب يكون في مايو ، وإيران فتتبع التقويم الفارسي ويكون بما يوازي لدينا في التوقيت الميلادي شهر إبريل تقريبا.
كيف كانت الحضارات القديمة تتعامل مع التوقيت؟
على النّقيض من الحال في الوقت الحاضر، كانت الحضارات القديمة تضبط جداولها اليومية اعتماداً على الشمس بمرونة أكثر من التوقيت الصيفي الحديث، ويكون ذلك عادةً بتقسيم ضوء النهار إلى اثني عشرة ساعةً بغضّ النظر عن طول اليوم، لتكون كل ساعة في النهار أطول خلال الصيف.
كمثال، كانت الساعات المائية الرومانية تحتوي على مقاييسٍ مختلفةٍ لشهورٍ مختلفة من السنة: فقد كانت تبدأ الساعة الثالثة بعد شروق الشمس في خط عرض روما حسب المقاييس الحديثة عند الساعة 09:02 بالتوقيت الشمسي، وتستمرّ 44 دقيقةً في أقصر أيام السنة في الشتاء (أي عند الانقلاب الشتوي)، إلا أنّها كانت تبدأ في أطول أيام السنة في الصيف (عند الانقلاب الصيفي) في الساعة 06:58 وتستمر 75 دقيقة.
بعد العصور القديمة، حلّت الساعات المدنية متساوية الطول محلّ تلك مختلفة الطول، لذا لم يعد التوقيت المدني يختلف على مرّ فصول السنة. لا تزال الساعات غير المتساوية مستخدمةً اليوم في مناطق قليلة، كبعض أديرة جبل آثوس.