أول تقرير لجهاز مخابراتي يدخل على خط أزمة المناخ ويحذر
تغير المناخ سيؤدي إلى مزيدا من التوتر حول العالم..

فيما يعد أنه التقرير الأول من نوعه لجهاز أمنى عالمي يناقش أثر التغيرات المناخية العالمية على الأمن القومي، فقد كشف تقرير حديث للاستخبارات الأمريكية بعنوان “أثر التغير المناخي على الأمن الوطني حتى عام 2040”.
التقرير الذى يقع في 27 صفحة يحوي نظرة 18 وكالة استخباراتية أمريكية مجتمعة، ويرسم صورة لعالم فشل في التعاون وانتهى إلى تنازع خطير وحالة من الاضطراب، يحذر من إعراض بعض الدول عن التعاون بشأن مواجهة التغير المناخي، في ظل اعتماد أكثر من 20 دولة على الوقود الأحفوري الذي يمثل مصدرا لأكثر من 50 % من عوائد صادراتها.
التقرير تقريبا أغلب ما فيه تحذيرات مباشرة ، منها تحذيره من مغبة سعي دول بعينها إلى الدفاع عن مصالحها الاقتصادية وتطوير تقنيات جديدة لتسخيرها في هذا الصدد، وكذلك تحذيره من مخاطر لجوء دول بعينها وبصورة منفردة إلى استخدام تقنيات متقدمة في مجال الهندسة الجيولوجية، وكذلك تحذيره من أن أثار التغير المناخي ستكون ملموسة حول العالم.
ويعدّ التقرير دليلا على أن المناخ أصبح يمثل جزءا محوريا من التفكير الأمني، وعلى أن مشكلة المناخ ستؤجج مشكلات قائمة، وتخلق مشكلات جديدة.
ويفتح هذا التقرير الاستخباراتي الأمريكي العيون على مشكلات كبرى تكتنف طريق المستقبل. لكن يبقى سؤال هو: ماذا سيفعل صانعو السياسات بعد هذا التحذير؟
ونبه التقرير إلى حالة الجدل التي قد تنشأ فيما بين الدول على كيفية التعاطي مع التغير المناخي، والذي ستظهر آثاره في الدول الأكثر فقرًا بصورة أقوى من غيرها، نظرًا لتراجع قدرات تلك الدول على التكيف.
يقول التقرير إن “التراجع في عوائد الوقود الأحفوري من شأنه تأجيج التوتر في الشرق الأوسط المرشح للتأثر بشكل كبير بالتغير المناخي”.
حدد مجتمع الاستخبارات الأمريكي، في تقريره، إحدى عشرة دولة ومنطقتين إقليميتين سيكون تأمين الطاقة، والغذاء، والصحة فيها عرضة للخطر جراء التغير المناخي.
ويعزي التقرير تأثُّر هذه الدول أكثر من غيرها إلى أنها أكثر فقرًا وأقلّ قدرة على التكيف، مما يتركها فريسة لعدم الاستقرار والنزاع الداخلي. ومن شأن الموجات الحارة، والجفاف أن تؤثر على توفير خدمات كالكهرباء.
وتقع خمس من الدول الإحدى عشرة في جنوب وشرق آسيا – أفغانستان، وبورما، والهند، وباكستان، وكوريا الشمالية. وثمة أربع دول في أمريكا الوسطى والكاريبي – جواتيمالا، هايتي، والهندوراس، ونيكاراجوا.
ويتبقى بذلك العراق وكولومبيا، كما تعتبر أفريقيا الوسطى ودويلات في المحيط الهادي عرضة للخطر.
ويرجح التقرير أن يدفع التغير المناخي بشرًا كثيرين إلى النزوح، محذرًا من موجات لجوء قد تضع ضغوطا على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة وتتسبب في مأساة إنسانية.
من المرجح أن يكون القطب الشمالي إحدى المناطق المتضررة جراء التغير المناخي؛ ذلك أن ذوبان الجليد سيجعل تلك المنطقة مطروقة أكثر من ذي قبل.
وسيمهد ذلك بدوره الطريق أمام سفن شحن جديدة للدخول، واستكشاف الثروات السمكية، لكنه سيفتح المجال كذلك أمام سوء الحسابات مع دخول سفن حربية.
وسيكون الوصول إلى المياه مصدرًا للمشكلات؛ وتكفي الإشارة إلى أن 60 % من موارد المياه السطحية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي عابرة للحدود.
وتتنازع باكستان والهند على المياه منذ زمن طويل، وقد تنشأ مشكلات تتعلق بحوض نهر ميكونج بين الصين وكمبوديا وفيتنام.
وثمة باعث آخر على القلق يتمثل في إقدام دول بعينها على تسخير تقنيات الهندسة الجيولوجية في مواجهة التغير المناخي.
ومن ذلك على سبيل المثال إرسال جزيئات عاكسة إلى طبقات الجو العليا في محاكاة لعملية تبريد الأجواء الناجمة عن ثوران البراكين، أو استخدام جزيئات الأيروسول العالقة في الهواء لتبريد بقاع معينة.
لكن استخدام دولة ما لتلك التقنيات كفيل بإزاحة المشكلة عن أجوائها إلى أجواء منطقة أخرى وبالتالي استعداء دول تلك المنطقة التي ستتأثر سلبًا.
وينظر باحثون في دول عديدة بينها أستراليا، والصين، والهند، وروسيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، فضلا عن الاتحاد الأوروبي في أمر تلك التقنيات، ولكن في ظل عدم وجود غير القليل من القواعد والقوانين المنظمة.
ويستدرك التقرير بالقول إن هناك طرقًا قد تحول دون الوصول إلى هذا المصير القاتم ، ومن تلك الطرق، تسخير تقنيات متطورة بينها الاستخدام المقبول للهندسة الجيولوجية. ومنها أيضا وقوع كارثة مناخية تدفع العالم دفعًا إلى التعاون!