معرفة شكل العالم، ومشاكله، وتوقعات التقدم أو الآثار الجانبية للمشاكل، تشكل أهمية قصوى لوضع الاستراتيجيات، و ضمان تفعيلها ونجاحها، وبالنسبة للمشكلات البيئية، هناك أهمية قصوى لدراسة المستقبل للأسباب الآتية:
تكوين صورة أقرب ما تكون للحقيقة، تساعد في وضع أهداف الخطط بدقة، ووضع القياسات اللأزمه لمراقبة تنفيذ الأهداف، أو وجود انحرافات عنها، وتصحيح المسار.
منع الفشل الاستراتيجي الناتج من وضع أهداف غير واقعية أو من عوامل خارجية، خاصه التكنولوجيا، والميزانيات غير المتوفرة، أو عوامل داخلية خاصه بعدم تواجد الفنيين اللازمين.
تلوث الهواء والأغذية
ومثال ذلك تلوث الهواء، يسبب العديد من الأمراض فلو أراد المخططون تقليل حالات حساسية الصدر بين الأطفال، فالهدف المباشر سيكون تقليل تلوث الهواء بالأتربة، والعوادم، والكيماويات، ولو أكتفي المخطط بذلك، ووضع خطة متكاملة لتقليل تعرض الأطفال للكيماويات، والروائح الحالية، وخفض انبعاث العوادم بالتحول لطاقة نظيفة في مجالات النقل قد لا يصل إلى الهدف المنشود، بسبب عدم دراسة توزيع الكتل السكنية، والصناعية المستقبلية، وتواجد كيماويات مختلفة عن الموجوده حاليا.
بل أكثر من ذلك إذا لم يضع في اعتباره الألوان الصناعية المضافة للأطعمة، وتأثيرها علي الحساسية بوجه عام، فقد تفقد الخطة العديد من أهدافها، وهذا ما يسمي بالفشل الاستراتيجي Strategic Failure، بل إن لم تضع الخطة في اعتبارها حقيقة علمية وهي أن الكيميائيين يتوصلوا لمركبات كيميائية جديدة أسرع من قدرة البيولوجيين، والأطباء علي اكتشاف مضارها علي الإنسان والحيوان والنبات.
وهنا لابد أن تضع الخطة حلا لهذه المشكلة برصد ميزانيات أكثر لمتابعة المواد الجديدة، والتدريب للفنيين علي توقع نتيجتها، ووضع نظام لتسجيل المواد يسمح بمنع أو تقييد تداول المركبات المشكوك بدرجة عاليه أنها مضرة بالصحة حتي تثبت سلامتها.
ويندرج تحت ذلك العديد من المواد الكيميائيه التي تضاف للأغذية، والمشروبات، وخاصة الوجبات السريعة التي من المنتظر أن تزيد وتتنوع أكثر في المستقبل.
الحد من ظاهرة رد الفعل العكسي Strategic Rebound في التخطيط المستقبلي، وهي أنه عند تنفيذ الخطة، والوصول لأهدافها يتواجد رد فعل عكسي يسبب مشكله جديدة.
تمساح النيل وذبح الخنازير
ومثال ذلك اعتبرت الهيئات الدولية، أن تمساح النيل علي وشك الانقراض، وتم منع صيده، ونفذت مصر ذلك من أجل الحفاظ عليه، ولكن تزايدت أعداد التماسيح في بحيرة ناصر، وأصبحت تهدد الثروة السمكية، وذلك بسبب عدم تواجد النموذج الرياضي Mathematical Model الذي كان يعطي تنبؤ مبدئي عن الفترة الزمنية المطلوبة للحفاظ عليه.
وعلي مصر أن تخاطب الهئات الدولية بدراسات تؤكد أن هذا النوع أصبح غير مهدد بالانقراض، فيتم السماح لمصر بصيده، والاستفاده بجلوده، وتصدير لحمه إلي البلاد التي تعتبره طعاما وتستفيد من سعره.
و مثال آخر في انتشار أنفلونزا الخنازير Swine Flu، قامت حمله لذبح الخنازير، والتخلص منها في مصر برغم أهميه الخنزير في التوازن البيئي، حيث أنه يأكل الزبالة، والقمامة، فيسهل التخلص منها، بوسيلة بيولوجية بعيدا عن الحرق، ومضاره، وكانت النتيجة تراكم الزبالة، وكان علي مصر أن تربي أجيال جديدة منه، وكان البديل هو عزل مزارع الخنازير، والكشف البيطري عليهم و الكشف الطبي علي المتعاملين معهم.
وسائل و طرق دراسة المستقبل:
هناك العديد من الطرق التي ابتكرها العلماء لدراسة التغيرات المستقبلية، ولكن يجب الاختيار المناسب منها، للوصول إلي تصور للمستقبل، ولكي نسير إلي المستقبل بأمان، لابد لنا من الوقوف علي الأحوال الحالية، ولمعرفه ذلك هناك طريقتين هامتين، ودمجهما معا في شكل مصفوفة.
والطريقة الأولي هي تحديد نقاط الضعف، والقوه والفرص، والمخاطر للوضع الحالي، فيما يعرف بـ SWOT analysis Strength, Weakness, Opportunities & Threats، ويتم دراسة مستفيضه أيضا للأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، والبيئية فيما يعرف بـ PESTEl analysis -Political, Economic,Social,Technological, Environmental Legal.
و لو شكلنا مصفوفه ونضع الصف الرأسي من SWOT والصف الأفقي من PESTEL، سيتكون لدينا أربع وعشرين خانه كل منها تمثل التأثير المتبادل، فمثلا لدراسة الأثر القانوني علي البيئة، فنذهب إلي العمود الذي علي رأسه Legal و سنجد أربع خانات رأسيه تمثل القوة، والضعف، والفرص المتاحة، والتهديدات.
وفي حالة مصر كدولة سنصتخلص الآتي، أن القوه تكمن في وجود قانون بيئي متطور، والضعف يكمن في عدم تفعيله بصورة كافية، إلا أن هناك فرص لتفعيله، لأن الإراده السياسية لتطوير البيئة متواجدة، وبقوه خاصة أن مؤتمر المناخ سيعقد في مدينة شرم الشيخ، والتهديد لتنفيذ قانون البيئه يكمن في عدم توافر الدعم المالي الكافي، وقلة الوعي البيئي، وفساد المحليات، بعدما يتم تحديد نقاط الضعف والقوة يتم الأخذ ببعض الوسائل لدراسة المستقبل، وسنذكر أهمها بشرح مبسط.
إنشاء السيناريو Scenario Method
يتم وضع شكل لما نريده بعد فترة زمنية مثل تقليل انبعاث غازات أكاسيد الكربون، والنيتروجين، والكبريت التي تؤثر علي نواحي الحياة تأثيرا سلبيا مثل أمراض الحساسية في الصدر، والعين، والجلد للإنسان، والحيوان، وتميت بعض النباتات عن طريق الأمطار الحمضية، وتؤدي إلي التصحر علي أن يتم ذلك خلال عشره سنوات ثم نضع النسب للغازات الحالية، و ما نريد الوصول له، وندرس مصفوفه SWOT/PESTEL.
ثم عن طريق العصف الذهني، نضع الخطوات للوصول إلي غايتنا عن طريق السبب، والنتيجة Cause Effect analysis، ونأخذ الإجراءات المناسبة لتصحيح المصفوفه خلال الفترة الزمنية المحددة، و ستساعدنا المصفوفة لمعرفة نقاط الرد الفعل العكسي Strategic Rebound لتفاديها، تستخدم هذه الطريقة في حالة بناء المستقبل الذي نريده إذا توافرت العوامل لذلك في بعض المجالات او في حالات الضرورة القصوى لتفادي أضرار خطيرة.
دراسة التاريخ السابق
تحليل أسباب المشكلات البيئية، بطريقه عكسية أي نبدأ بالنتائج، ونرجع للخلف إلي الأسباب، وهي تحدد الأسباب بدقة عالية، حيث أن تواجد الاحصائيات السابقة يسمح بمعرفه العلاقة بدقة بين المتغيرات Correlations، ويسمح بإنشاء نموذج رياضي، Mathematical Model، يتنبأ بما سيحدث مستقبلا Prediction، بشكل دقيق، وتستخدم هذه الطريقه لمعرفة العوامل المطلوبة، لتصحيح المسار بطريقة كمية حسابية، تسمح بتحليل التغيرات خلال فترات زمنية متقطعه Trend analysis وصولا للمستقبل.
ورش عمل المستقبل
يجتمع الخبراء لرسم صوره المستقبل، سواء بغرض إنشائه أو تفادي مخاطره، ويتم مد الخبراء بالبيانات، والإحصائيات المطلوبة، ونترك لهم إنشاء المستقبل، أو معرفة مخاطرة، بشكل فردي، ويقوم منسق باختصار آراء الخبراء، وعرضها علي كل خبير، وتحدث دورة آخرى، كل منهم يكتب أو يرسم ما سيحدث، ثانيا، يتم عرض كافة الآراء علي الجميع، و هكذا بعد ثلاث إلي أربع دورات، سنجد تقارب واضح بين آرائهم حول المخاطر، والحلول المستقبلية أو تصور لشكل مستقبل يمكن الوصول إليه بخطوات محدده.
دراسة المستقبل هامة جدا للتخطيط البيئي الاستراتيجي، وتسمح بتشكيل المستقبل في بعض المجالات، وتسمح بتفادي أخطار مستقبلية، وتوضح دور كل قطاع بالتحديد والمطلوب منه.
