
وضعت معظم الدول أهدافا لتحقيق التنمية المستدامة متوافقة مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة ، تدعم أهداف التنمية المستدامة بشكل عام حماية البيئية واستدامة الموارد الطبيعية مما أدى لظهور بعض المصطلحات والنظريات الحديثة مثل الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري والاقتصاد الأزرق تناولنا في مقالات سابقة شرحا تفصيليا مبسطا لمفهوم الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري والاقتصاد الأزرق ودورهم في استدامة الموارد الطبيعية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ولكن السؤال هل هناك ألوان أخرى من الاقتصاد ما هو دورها في تحقيق التنمية المستدامة، سوف نتناول ألوان أخرى للاقتصاد وهي (الاقتصاد البني -الاقتصاد الأسود- الاقتصاد الرمادي- الاقتصاد الفضي- الاقتصاد الأحمر- الاقتصاد الأصفر – الاقتصاد البنفسجي- الاقتصاد الأبيض) بالإضافة للاقتصاد الأزرق و الاقتصاد الأخضر.
سوف نتناول معني كل لون من ألوان الاقتصاد السابقة وتوضيح مدى دعمه وتأثيره في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

التنمية المستدامة
الاقتصاد البني
يعتمد النمو الاقتصادي به على الأنشطة المدمرة للبيئة، مثل استخدام الفحم والمواد البترولية، يساهم في رفع البصمة الكربونية وغازات الاحتباس الحراري، والتلوث بيئي وبالتالي لا يدعم أهداف التنمية المستدامة.
الاقتصاد الأسواد
كل الأنشطة التي تتم خارج نطاق القانون، وبعيدًا عن دفع الضرائب، يطلق عليه اقتصاد الظل، أو الاقتصاد الخفي، وينشط كثيرًا في الدول ذات الأنظمة الضعيفة مثال غسيل الأموال أو الاتباع لأي طرق ملتوية لتجنب كشف السلطات التنفيذ للمعاملات المالية، هو من المؤكد لا يدعم أهداف التنمية المستدامة.
الاقتصاد الرمادي
هو الاقتصاد الغير الرسمي، هو جميع الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها الأفراد والمنشآت، والتي لا ُتدرج في الإحصائيات الرسمية للدولة، وبالتالي لا يتم تحصيل ضرائب عنها، ولا يخضع العاملون فيها لأي نظام ضمان اجتماعي مما يقف عاق امام تحقيق التنمية المستدامة.
الاقتصاد الفضي
هو الاقتصاد الذي يهتم بفئة كبار السن 50 سنة فما فوق، ويشمل جميع الأنشطة الاقتصادية ذات الصلة باحتياجات كبار السن، التي تهدف إلى تلبية احتياجات كبار السن سواء الاستهلاكية والمعيشية والصحية. من المؤكد أن الاقتصاد الفضي يدعم أهداف التنمية المستدامة لفتحة مجالات جديدة للاستثمار.
الاقتصاد الأحمر
هو الاقتصاد الذي تسيطر فيه الحكومة على معظم وسائل الإنتاج والتوزيع، يتم إدارة النشاط الاقتصادي عن طريق التخطيط المركزي.
الاقتصاد الأزرق
الاقتصاد الأزرق هو المعني بإدارة البحار والمحيطات والأنهار ترجع أهميته في تحقيق الآمن الغذائي ومساهمته في النمو الاقتصادي للدول والحد من التغير المناخي
وتأتي أهمية الاقتصاد الأزرق نتيجة الارتفاع النسبي لمساحة المسطحات المائية على الأرض والتي تغطي أكثر من ثلاثة أرباع سطح الكرة الأرضية، وتضم ما يقرب من 50-80% من أشكال الحياة على الأرض.
يهدف الاقتصاد الأزرق إلى تحسين حياة الأشخاص وتعزيز العدالة الاجتماعية، فإنه يستهدف أيضًا الحد من المخاطر البيئية وندرة الموارد والحد من السلوكيات المهدرة للموارد الطبيعية والملوثة للبيئة البحرية، والتي تؤدي إلى تغيرات المناخية، يهدف الاقتصاد الأزرق لاستدامة الموارد.
الاقتصاد الأصفر
هو الاقتصاد القائم على الطاقة الشمسية في مختلف المجالات ويمكن تعريفه بأنه الاقتصاد الذي يهتم بدراسة الطاقة الشمسية، وكيفية الاستفادة منها لتحقيق التنمية المستدامة، لكونها تمثل المصدر الرئيسي لمعظم مصادر الطاقات، كما أنها طاقة متجدد، يدعم الاقتصاد الأصفر حق الأجيال القادمة في مجالات الطاقة غير المتجددة مثل الوقود الأحفوري، يعمل الاقتصاد الأصفر على تقليل غازات الاحتباس الحراري، ويدعم تفعيل الاقتصاد الأصفر تحقيق التنمية المستدامة.
الاقتصاد الأبيض
هو الاقتصاد المعنى بتكنولوجيا المعلومات ومجالاتها هو النظام الذي يحيط بصناعة تكنولوجيا المعلومات يلعب الاقتصاد الأبيض دورا كبير في معظم المجالات المهمة مثل المجال (الزراعي، الصحي، الصناعي ، الخدمي ، الطبي….
ظهر مفهوم الاقتصاد الأبيض في لندن، حيث ألف البروفيسور دوجلاس ماك ويليامز كتابًا بعنوان «الاقتصاد الأبيض المسطح» عام 2015، أوضح فيه كيف يغير الاقتصاد الرقمي مدينة لندن ومدن المستقبل، حيث ضاعف الاقتصاد الأبيض فرص العمل في لندن، وزاد من نموها بسرعة كبيرة، وخاصًة من خلال البيع والتسوق عبر الإنترنت، ظهر الاقتصاد الأبيض في مصر متمثلا في إنشاء القرية الذكية.
مما لا شك فيه دعم الاقتصاد الأبيض لتحقيق التنمية المستدامة ولكن يحتاج الاقتصاد الأبيض إلى التعليم والتدريب وزيادة الإنفاق في مجال الذكاء الاصطناعي والبرمجيات .
الاقتصاد البنفسجي
أحد فروع علم الاقتصاد الحديثة، المعنى باستخدام الثقافة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والاقتصاد البنفسجي هو يرتبط ارتباط وثيقًا بثقافة المجتمع، ما يحقق استجابة وتفاعل الإنسان، فتكون بذلك الثقافة داعمة للاقتصاد، وتوصف الثقافة بأنها القوة الناعمة، الذي يمكن اعتباره إحدى الأدوات للخروج من الأزمة الاقتصادية، إذ يمكن للثقافة إعادة توجيه الاقتصاد.
بمعنى آخر يمكن تعريف الاقتصاد البنفسجي على انه هو أحد الألوان الاجتماعية للاقتصاد، مما يساهم فى تطوير ثقافة السلع والإنتاج لتحقيق التنمية المستدامة من خلال تعزيز الإمكانات الثقافية للسع والخدمات، عدم الاقتصار فى التعامل على فئة واحدة من المستهلكين بل استهداف فئات عدة ، الاقتصاد البنفسجي يعترف بضرورة اعتماد رعاية العمل كعنصر لا غنى عنه فى رفاهية الإنسان كما يهدف إلى القضاء على عدم المساواة بين الجنسين .
وقد ظهر هذا المفهوم في فرنسا عام 2011، خلال أول منتدى دولي حول الاقتصاد البنفسجي في باريس، تحت رعاية كل من منظمة اليونيسكو والاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية.
الاقتصاد الأخضر
التعريف وفقاً لبــرنامج الأمـم المتحدة للبيئـة هو الاقتصاد الـذي ينتـج عنـه تحسـن فـي رفاهيـة الإنسان والمساواة الاجتماعية وتقليل المخاطر البيئيـة ونـدرة الموارد الطبيعية، ويمكـن أن ينظـر إلـى الاقتصاد الأخضـر فـي أبسـط صـورة هو اقتصـاد يقـل فيـه انبعاثـات الكربـون ويزيد من كفـاءة اسـتخدام الموارد، يمكن القول ان هو الاقتصاد الذي يقلل من تلوث البيئي ويحقق كفاءة في استخدام الموارد .
كما عرفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الاقتصاد الأخضر أنه تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية مع ضمان استمرار الأصول الطبيعية في توفير الموارد والخدمات البيئية التي تحقق الرفاهية. الاقتصاد الأخضر أكبر داعم لتحقيق التنمية المستدامة.
الاقتصاد المستدام
تم استعراض ألوان الاقتصاد المختلفة لكن التساؤل كيف يمكن تحقيق الاقتصاد المستدام، لكي تكون التنمية الاقتصادية مستدامة، يدعو العلماء اليوم إلى الاهتمام بالبعد الاجتماعي، والبعد البيئي، وكذلك البعد الثقافي .
البعد البيئي يتمثل في الاقتصاد الأخضر أما البعد الثقافي يتمثل في الاقتصاد البنفسجي بالنسبة للبعد الاجتماعي وهو ما يعرف بالاقتصاد الاجتماعي ويعرف بأنه هو ذلك التوفيق بين أهداف اقتصادية (النمو، التنمية) من جهة، وأهداف اجتماعية (مبادئ الإنصاف، العدالة) من جهة أخرى، حيث يكون فيه المورد البشري في الاهتمامات الأساسية للنشاطات.

يمكن القول إن كل من الاقتصاد الاجتماعي والاقتصاد البنفسجي والاقتصاد الأخضر اليوم مواضيع ذات اهتمام خاص نظر لطابعهم المدمج التكاملي التداخلي ، ويسعى كلا من الاقتصاد الأخضر والبنفسجي لتحقيق رفاهية الإنسان التي هي بدورها تعد من بين أهم أهداف التنمية المستدامة ، فالأول يسعى إلى تحقيق ذلك من خلال الحفاظ على الموارد الطبيعية وحفظ حقوق الأجيال القادمة في الثروات الطبيعية أما الاقتصاد البنفسجي فيقوم على محاولة القضاء على التمييز بين الجنسين مع دمج البصمة الثقافية ،حيث يساهم فيها من خلال زيادة الاعتبار والعائد الثقافي للسلع والخدمات ،نموذج قائم على التنمية الثقافية للخروج من الأزمات الاقتصادية والتوفيق بين التنمية الاقتصادية والاستدامة كما أنه وسيلة لترسيخ مبادئ المسئولية المجتمعية التي تشمل تنمية المجتمعات المحلية من خلال (تقديم الرعاية الصحية ، حماية البيئة ، رفع الوعي المجتمعي ….) مما يحقق التنمية المستدامة.
تدعم ألوان الاقتصاد المستحدثة الوصول إلى التنمية المستدامة بشكل تكاملي يجب أن تدعم وتفعل الحكومات الاقتصاد(الأخضر، البنفسجي ، الأصفر ،الأزرق ) بالإضافة لتفعيل الاقتصاد الاجتماعي لما لهم من أثر تكاملي في تحقيق الاقتصاد المستدام ومنه إلى تحقيق التنمية المستدامة بطرق سريعة وفعالة .